تبشيرٌ ألماني رائد، وطموح امبراطورٍ مغامر، قدَحا شرارة الدهيشة، وطن مجانين فلسطين منذ الانتداب البريطاني. لاحقًا، سيتمّ الاعتداء على ذلك الحيّز، في ظروف سياسية جديدة، وضعت المجانين ووطنهم على المحكّ. تحكي ''مجانين بيت لحم'' عن وطن المجانين الفعلي، وناسه. هي ترمز إلى الوطن الذي يتآكل تحت وطأة التغيّرات السياسية التي تعصف به. تقتحم موضوعًا يكاد يكون بكرًا...
يمضي الكوني ويمضي القارىء معه ليغرق في بحور فلسفته العميقة متخذاً من الرمز مطية يطير بها على جناح خيال محلقاً خارج الزمان وخارج المكان.
لطالما فتشت عن الحجر الأسود الذي يطهر روح الموت. وعندما أقول ''لطالما''، أتخيّل بئراً بلا قعر، نفقاً حفرته بأصابعي، بأسناني. يحدوني الأمل العنيد بأن أبصر، ولو لدقيقة، لدقيقة متمادية خالدة، شعاع نور، شرارة من شأنها أن تنطبع في مأق عيني وتحفظها أحشائي مصونةً كسرّ. فتكون هنا، ساكنة صدري، مرضعة ليالي البلا ختام، هنا، في هذا القبر، في باطن الأرض الرطبة،...
منذ عامين حين طلب أحد الأصدقاء أن أكتب قصته، ترددتُ في البداية، واقترحت أن أساعده، لكنه قال إنه لن يسعه أن يفعل ذلك لوحده أبدًا. أصغيتُ إليه لساعات، ورافقته في جولات علاجه واكتشفت عالمًا مثيرًا، ثريًا بمادة جديرة بالكتابة.. سرعان ما وجدت نفسي في موقف حساس: هل عليّ أن أروي وأكتب وأكشف كل شيء، كما طلب مني صديقي؟ وبعد تفكير، اخترت ألا أهمل شيئًا وأن أشاركه...
أين الحكاية?), سألتني مريم. قلت لها إنَّني أروي حكاية سامية لا حكايتها. وأنا أعرف أنَّ ما رويته حتى الآن لا يصلح حتَّى كمقدِّمة لحكاية البحر الميّت أو حكاية وداد أو إميل. لكنَّني لا أكتب قصّة. أترك الأشياء تأتي. أقول إنَّني أروي الحكاية كما هي, وكنت أريد أن أضيف: دون زيادة أو نقصان, لكنَّني عدلت عن ذلك. فوداد الشَّركسية التي ماتت منذ عشر سنوات تشبه هذه...