Résumé
يركز هذا الكتاب على قضية الإصلاح من حيث هي قضية الساعة في الفكر العربي بمختلف منازعه وتياراته، بما في ذلك ''الفكر الرسمي'' في الوطن العربي، فيجدّد فيها النظر على ضوء الظروف والملابسات التي تطرح بها اليوم.
فمن « المضامين الثورية للحقيقة القائمة اليوم، والتي تعجز أقلام وألسنة كثيرين عن التعبير عنها، كون الإصلاح الذي تريد الإدارة الأمريكية إقامته في الشرق الأوسط أو قيامه فيه ـ لا فرق ـ قد بدأ بالإفساد، ليس فقط إفساد ما كان موجوداً من صلاح قائم أو منتظر، بل أيضاً بإرباك وطمس الطريق إلى الإصلاح الحقيقي، ومن ثم تعتيم الرؤية التي تنشد الإصلاح. وهذا يطرح في نظرنا ليس اتخاذ موقف مبتسر إشهاري «مع» أو «ضد» قضية الإصلاح، كما هو الشأن حالياً، بل القيام بما ندعوه هنا: «نقد الحاجة إلى الإصلاح».
وعبارة «نقد الحاجة إلى الإصلاح» تعني، أولاً وقبل كل شيء، النظر إلى الإصلاح لا من حيث هو دعوة آتية من خارج، ولا من حيث هو شعار بادرت إلى رفعه قوى داخلية، بل من حيث هو «حاجة». فإذا حددنا أولاً الحاجة أو الحاجات التي تبرر جعل الإصلاح مطلباً في العالم العربي والإسلامي، أمكن حينئذ تحديد الأهداف منه، ثم تعيين الوسائل القمينة بتحقيق هذه الأهداف. وبما أن الأمر يتعلق بـ «مفهوم» يحدد الرؤية والمنهج، كما يتحددان به، فإنه لا بد من الاتفاق أولاً على مضمون هذا المفهوم، سواء في مرجعيتنا العربية الإسلامية أو في المرجعية الأوروبية. إن تحديد مضمون مفهوم «الإصلاح» في المرجعيتين سيمكننا من معرفة ما إذا كنا نعني شيئاً واحداً عندما نتكلم عن «الإصلاح»، أو أن الرافضين للمبادرة الأمريكية يفهمون من الإصلاح غير ما يفهمه منه أنصارها والداعون إلى نوع من التعامل معها»