Résumé
يمثل الكتاب باقة عاطرة تضم شتى ما حفل به الأدب العربي منذ عام خمسين وثلاثمائة إلى زمن تصنيف هذا الكتاب والذي يقع في أواخر ثلاثينيات المائة الهجرية، إذا ما عرف بأن زمان وفاة مؤلفه "أبو حيان التوحيدي" في السنة 414هـ. يستشعر القارئ وهو في رحاب "البصائر والذخائر" بأنه في رياض الأدب، مشرقاً من خلاله على قرائح العقول، من لفظ مصون، وكلام شريف، ونثرٍ مقبول، ونظمٍ لطيف، ومثَلٍ سائر، وبلاغة مختارة، وخطبة محبّرة، وأدب حلو، ومسألة دقيقة، وجواب حاضر، ومعارضة واقعة، ودليل صائب، وموعظة حسنة، وحجة بليغة، وفقرة مكنونة، ولُمْعَةٍ ثاقبة، ونصيحة كافية، واقتناعٍ مؤنس، ونادرة ملهية، وقول منقّح، وهزل شِيبَ بجد، وجدٍّ عجن بهزل، ورأي استنبط بعناية، وحجة استخلصت من شوائب الشبه، وشبهة أنشئت من فرط جهالة، وبلادة طباع رُويت بلسان عيٍّ، ولفظٍ مرذول صدر عن حرج.
جمع أبو حيان التوحيدي ذلك كله خلال مدة طويلة، ومن كتاب الجاحظ، ومن كتاب "النوادر" لأبي عبد الله محمد بن زياد الأعرابي، ومن كتاب "الكامل" لأبي العباس بن يزيد التمالي، ثم كتاب "العين" لابن قتيبة الدينوري، ثم من مجالسات ثعلب، ثم كتاب ابن طاهر المرسوم بـ"المنظوم والمنثور" ثم كتاب "الأوراق" للصولي، ثم كتاب "الوزراء" لابن عبدوس، و"الحيوانات" لابن قدامة البغدادي، هذا إلى غير ذلك من جوامع الكتاب والأعلام، مضيفاً إلى ذلك في كتابه هذا، ما نقله مما تناقل ذكره في الاجتماعات والندوات في حينه، من جميل القول، والشعر والنثر والحكم، مجملاً ذلك كله بأسلوبه الذي لا يباريه أسلوب أدبي براعة ولا روعة.
والكتاب على حجمه، وعلى رغم تقاطر الزمان عليه، ما زال موضع إعجاب، ومحل دراسات. لذا تمّ في هذه الطبعة الاعتناء به فخرج في ثوب معاصر، حيث نال ما هو بحاجة إليه من تحقيق وتنقيح، وإيضاح.