Résumé
يحتل كتاب "الجمع بين رأيي الحكيمين، أفلاطون الإلهي وأرسطوطاليس" مرتبة خاصة بين مؤلفات الفارابي، لأنه يطلعنا على مدى استيعاب صاحبه للفلسفة اليونانية، ومقدار فهمه إياها، وموقفه منها، وأسباب ذلك.
لقد وضع أبو نصر هذا الكتاب قبل تأليف "آراء أهل المدينة الفاضلة ومضاداتها" و"السياسة المدنية"، واللذين كتبهما في المرحلة الأخيرة من حياته. ولكنه مهد له بكتاب سابق هو "تحصيل السعادة" والدليل على ذلك ما وردفي آخر كتاب "تحصيل السعادة" حيث يعلن عزمه الكلام على الفيلسوفين اليونانيين أفلاطون وأرسطو. وكأن هذا الكتاب الذي نقدم له الآن تتمة لكتاب "تحصيل السعادة"، أو كأن كتاب تحصيل السعادة ليس سوى مقدمة لكتاب "الجمع بين رأيي الحكيمين أفلاطون الإلهي وأرسطوطاليس".
تناول في الكتاب السابق الطريق المؤدية إلى السعادة ضالة الإنسان المنشودة، وغايته الأخيرة، وخيره الأقصى، فوجدها في تحصيل العلوم المختلفة من طبيعيات ورياضيات وأخلاقيات ومنطق والهيات وسياسة مدنية. بيد أن هذه العلوم ليست سوى أجزاء من علم أم هو الفلسفة. والفلسفة هي العلم بالموجودات بما هي موجودة، وقد ظهرت، أول ما ظهرت، في بلاد الرافدين عند الكلدانيين ثم انتقلت إلى مصر، حتى انتهت إلى بلاد اليونان، لتبلغ أوج ازدهارها ونضجها. و أكبر الفلاسفة اليونانيين اثنان هما أفلاطون وأرسطو، ولذا دعت الضرورة إلى وضع كتاب يبين تقدمهما في هذا المضمار.
هذا ملخص كتاب "تحصيل السعادة" الذي مهد به لكتاب "الجمع بين رأيي الحكيمين". ولذا نلقاه يبدأ كتابه هذا من حيث انتهى كتابه السابق. ويذكر الغرض من الكتاب وهو تبيان فضل هذين الحكيمين المقدمين المبرزين وعدم الاختلاف بين آرائهما في المنطق والأخلاق والسياسة المدنية والنفس وقدم العالم وحدوثه وإثبات وجود الله، وإسقاط دعوى من وجد اختلافاً بينهما من أهل زمانه.