Résumé
كانت امرأة غير مادية، وكان رجلاً غير عادي، ولا بد لأحدهما أن يموت، كي يعيش الآخر. إلا أن الموت والحب كلمتان معلقتان على شفتي القدر، والقدر صمت حين يريد، وكلام حين يحكين ولا أحد يدري، حتى في لوح سيناء، متى صمت القدر ومتى كلامه، فالنقش في اللوح ظاهر وخفي، والظاهر كالبطن يُقرأ ولا يُقرأ، والباطن كالظاهر يُسبر ولا يُسبر. ونحن، جميعاً، نتدافع نحو نهايتنا، متعجلين الأيام دون أن نفكر أن كل يوم، كل ساعة، كل دقيقة، كل ثانية، تقرّبنا من هذه النهاية، ثم لا نرعوي فنتوقف عن هذا التعجل، ولا نتّعظ بمصير الذين تعجّلوا فسبقونا إلى نهايتهم. في شارع شاشادي في بودابست، كان أيهم القمطور يجلس على حقيبة سفره، في معاندة مع هذه الحقيبة التي لا يريد أن يفتحها، كيلا تتطاير أشياؤه، وتستقرّ في أمكنتها من الخزائن المفتوحة، وكانت النوافذ مغلقة والستائر مسدلة، والغرفة، بما فيها، يلفّها عنكبوت العتمة. وهو أيهم، مصرّ على البقاء في القمة، تجنباً لرؤية ما حوله، لا يفتح الباب لصاحبة الباب، التي أرادت أن تسبقه، مرحّبة به، فتناول المفتاح منها وصرفها شاكراً، دون أن تقول كلمة أخرى، وهذا ما أثار استغرابها، فظنّت به الظنون، وراحت، من شرفة منزلها في الطابق الذي تحته، ترقب أن يشكل الضوء، أن يفتح نافذة، أن ينير شمعة على الأقل، دون جدوى. كان اسمها مارغريت، وتجنباً ينادونها مارغو، وقد صبرت ساعة على هذا الساكن الجديد، غريب الأطوار، الذي لم تسمع ولو وقع قدميه، على الخشب اللماع فوقها، وكادت تهتف إلى البوليس ليأتي ويكشف، ولو جزءاً من سرّ هذا الرجل الغامض الذي باتت تخاف على نفسها،