Résumé
أمام الثروة العظيمة التي وقفتُ عليها من الوثائق المتعلقة بالتاريخ الدولي للمغرب عبر الأحقاب، أخذت ألقي باللائمة على مؤرخينا الذين يهتمون فقط بتدوين التاريخ المحلي وعلى شكل محدود : هذا أمير فتح بلد أمير آخر واستولى على أرضه، وذاك قائد حالف قائدا ثانياً من أجل تقوية مركزه لتحقيق النصر على قائد ثالث !
وإذا كان مؤرخونا المغاربة قد أهملوا تاريخهم الدولي فَلِمَ إذن نعاتب المشارقة وهم يتجاهلون ما يتعلق بالمغرب من تحركات ومبادرات... لعل لهؤلاء عذراً عندما كانوا يقتصرون على ما يدور بساحتهم باستثناء القليل منهم ممن عرضوآ لما يتصل بالمغرب على الصعيد المحلي والدولي...
ومن الاعتراف بالجميل أن أذكر أنني لما كنت في عملي، كسفير لبلادي في عدد من البلاد، تمكنت من فهم بعض المشاهد التي مرت بالأمس البعيد في الساحة الدولية والتي ظلت علامة الاستفهام إزاءها منتصبة...
ولقد حملني حبّ الاستطلاع على أن أزور بقاع العالم من التي سمعت أو قرأت أنها تتوفر على صدى لهذا التاريخ الدولي... جمهوريات البحر المتوسط بالأمس، وإسبانيا، البرتغال، فرنسا، إنجلترا، هولندا، استانبول، إفريقيا، أمريكا إلخ إلخ فكنت أزداد ثقة بأن دور المغرب في بناء القانون الدولي كان دوراً رائداً. ومن الخطأ الكبير القول بأن المسلمين على العموم والمغاربة على الخصوص لم يعرفوا التقاليد الدولية إلا عندما ظهر العثمانيون وأبرموا لهم اتفاقيات مع بعض دول أروبا ! فإننا سنقف في تاريخنا على اتفاقيات تحتوي على بنود مسلسلة مرتبة إحداها بعد الأخرى، وتنسخ منها عدة نسخ لتوزيعها على الأطراف المتعاقدة حتى تكون بين يدي المعنيين بالأمر